سويسرا تعترف رسمياً: «بنوكنا جاذبة لغسيل الأموال»
الإيداعات البريطانية بلغت 321.557 مليار فرنك … والكويتية 3.874 مليار
في تطوّر مهم يُعدُّ أول اعتراف رسمي صريح من جانب سويسرا بأن بنوكها جاذبة لممارسات غسيل الأموال التي يجمعها المودعون الأجانب بطرق غير قانونية، أقرت الحكومة الفيدرالية السويسرية بأنها في حاجة إلى بذل المزيد في سبيل تقوية منظومتها المصرفية من أجل مكافحة تلك الممارسات المتفشية فيها بدرجات متفاوتة.
الاعتراف، غير المسبوق والمثير للاهتمام، ورد في تقرير رسمي أعدته لجنة حكومية سويسرية رفيعة المستوى، وهو التقرير الذي أقر صراحة بأن «سويسرا ليست محصنة ضد مخاطر وممارسات الجرائم المالية… بما في ذلك
غسيل الأموال وتمويل الإرهاب» وبأن «البنوك السويسرية هي الكيانات المالية الأكثر عُرضة لمثل تلك المخاطر والممارسات».
و أقر التقرير الذي نقله موقع «إيكونوميك تايمز» بأن بنوك سويسرا «جاذبة بقوة للمودعين الأجانب الساعين إلى غسل أموالهم التي جنوها بطرق غير قانونية أو من وراء أنشطة إجرامية ارتكبوها خارج سويسرا».
وعن مصادر الأموال غير القانونية التي تودع في البنوك السويسرية، كشفت نتائج التقرير عن أن أبرز تلك المصادر هي «الاحتيال والاختلاس والفساد المالي (الرشوة والتنفيع) بالإضافة إلى المشاركة في منظمات إجرامية».
وجاء هذا الاعتراف في وقت تواجه فيه سويسرا منذ فترة ضغوطاً هائلة من جانب الهند، ودول أخرى من أجل إقناعها بالكشف عن بيانات عملاء أجانب في بنوك سويسرية يُشتبه في أنهم استغلوا السرية والحماية التي
توفرها تلك البنوك كي يخفوا الأموال التي اكتسبوها بطرق غير مشروعة.
التقرير الحكومي، الذي وُصِفَ بأنه «أول تقرير وطني (سويسري) حول مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب»، نوقش قبل أيام قليلة خلال اجتماع «المجلس الفيدرالي» السويسري الذي يعتبر أعلى سلطة حكومية في سويسرا.
وذكرت مصادر تابعة لـ»المجلس الفيدرالي» أن اللجنة أعدت تقريرها «استناداً إلى تحليل بيانات كمية ونوعية حصلت عليها إما من مصادر عامة أو من إدارات فيدرالية وكانتونية أو من كيانات تابعة للقطاع الخاص».
إلى ذلك، كشفت أرقام رسمية اطّلعت عليها «الراي» في تقرير إحصائي سنوي شامل أعده البنك المركزي السويسري (SNB) ونشره على موقعه الرسمي، عن أن إجمالي ودائع الكويتيين (أفرادا ومؤسسات) لدى البنوك السويسرية خلال العام 2014 بلغ 3.874 مليار فرنك سويسري (أي ما يعادل 4.22 مليار دولار أميركي)، واحتلت الكويت بذلك المرتبة الثالثة بين الدول الخليجية والرابعة على مستوى العالم العربي في ما يتعلق بحجم الودائع.
أما ودائع الجنسيات الخليجية الأخرى فكانت على النحو التالي بالفرنك السويسري: الإمارات (13.622 مليار)، السعودية (9.553 مليار)، قطر (1.690 مليار)، البحرين (1.401 مليار)، سلطنة عُمان (1.380 مليار).
وبالنسبة إلى ودائع الجنسيات العربية الأخرى فكانت كالتالي: لبنان (5.746 مليار)، الأردن (2.817 مليار)، مصر (2.824 مليار)، المغرب (1.042 مليار)، ليبيا (642 مليوناً)، تونس (564 مليوناً)، فلسطين ( 286 مليوناً)، سورية (170 مليوناً)، اليمن (148 مليوناً)، العراق (99 مليوناً)، السودان (39 مليوناً)، جيبوتي (30 مليوناً)، موريتانيا (9 ملايين)، الصومال (مليون واحد).
وفي ما يتعلق بودائع الدول الشرق أوسطية الأخرى فإن ودائع الإيرانيين بلغت (1.131 مليار فرنك) والأتراك (3.997 مليار) والإسرائيليين (8.360 مليار).
ووفقا للتقرير، فإن الجنسيات العشرة الأكثر إيداعاً في البنوك السويسرية خلال العام 2014 كانت حسب الترتيب التالي: بريطانيا (321.557 مليار فرنك سويسري)، الولايات المتحدة (244.266 مليار)، اتحاد جزر الهند الغربية (96.026 مليار)، جزيرة غيرنزي (56.148 مليار)، ألمانيا (51.431 مليار)، جزر الباهاما (47.272 مليار)، لوكسمبورغ (44.181 مليار)، فرنسا (36.989 مليار)، جزيرة جيرزي (36.989 مليار)، هونغ كونغ (33.474 مليار).
ونوه التقرير إلى أن إجمالي الودائع الأجنبية في البنوك السويسرية خلال العام 2014 ارتفع إلى 1.47 تريليون فرنك سويسري صعوداً من 1.32 تريليون في العام 2013.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن سويسرا كان فيها 275 بنكاً حتى نهاية العام 2014، فإن بنكي «يو إس بي» و «كريدي سويس» العملاقين استحوذا وحدهما على ثلثي إجمالي ودائع الأجانب تقريباً لدى البنوك السويسرية خلال ذلك العام.
وفي حين يصف التقرير تلك الأرقام بأنها رسمية وموثوقة، فإنه ينبغي التنويه إلى أنها تشمل الإيداعات الحميدة والخبيثة دون تمييز، بمعنى أنها لا تبيّن تحديداً حجم «الأموال السوداء» المشبوهة المتعلقة بغسيل الأموال أو تمويل الإرهاب أو أي أنشطة غير قانونية أخرى.