اخر الأخبار

العالم يبحث عن استراتيجية لإنقاذ الاقتصاد من كورونا

واشنطن- (د ب أ):

بدأ المسؤولون في العديد من عواصم العالم من روما إلى واشنطن وضع خطط عاجلة لتخفيف إجراءات الإغلاق وإعادة تشغيل اقتصاداتها رغم أن وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) مازال يتمدد في مناطق عديدة من العالم.

المشكلة الأساسية هي أنه لا توجد خطة مرجعية واضحة للتعامل مع الموقف بحسب وكالة بلومبرج للأنباء.

الخطوة السحرية بالنسبة لصناع القرار في العالم هي إعادة تشغيل الاقتصاد، دون إطلاق موجة ثانية من العدوى والتي قد تؤدي إلى جولة جديدة من الإغلاقات وبالتالي التسبب في خسائر اقتصادية جديدة. والتاريخ يقول إنه في وباء الأنفلونزا الإسبانية عام 1918 والذي كان أسوأ أزمة صحية في العالم، شهد العالم ثلاث موجات من العدوى قبل احتواء الوباء نهائيا.

ومع ذلك، فإن مدينة ووهان الصينية التي انطلق منها وباء فيروس كورونا المستجد، أنهت مؤخرا الحجر الصحي الذي خضعت له لمدة شهور. كما بدأت النمسا والدنمارك والنرويج الرفع التدريجي للقيود المفروضة على حركة المواطنين والأنشطة الاقتصادية التي تم فرضها لمنع انتشار الفيروس. وحتى إيطاليا التي عانت من أكبر عدد من حالات الوفاة الناجمة عن فيروس كورونا، بدأت تضع استراتيجية استئناف النشاط الاقتصادي، بعد تراجع أعداد الإصابات الجديدة. وفي الولايات المتحدة بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث مجددا عن ضرورة عودة الناس إلى أعمالهم.

وتقول وكالة بلومبرج للأنباء إنه مع استعداد قادة العالم للتعامل مع المرحلة الثانية من الوباء وإعادة التشغيل التدريجي لاقتصاد العالم المدمر، فإن المخاطرة يمكن أن تكون مرتفعة بصورة نادرة والمردود منها أكثر إثارة للقلق.

ومع وقف تشغيل الطائرات واضطراب سلاسل الإمداد والتموين وتوقف المصانع في العديد من دول العالم، يواجه الاقتصاد العالمي واحدة من أقوى الصدمات التي تعرض لها منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين.

وللأسف الشديد لا توجد اي خطط جاهزة لدى الحكومات لاتخاذ قرارها بشأن متى ،ناهيك عن كيف، يمكن إعادة تشغيل ماكينة الاقتصاد، بعد مثل هذا الوقف المفاجئ لها، وبخاصة مع وجود احتمال أي يعرض إعادة تشغيل الاقتصاد حياة المزيد من الناس للخطر.

من ناحيته قال ميشيل أوسترهولم مدير مركز أبحاث وسياسة الأمراض المعدية والأستاذ في جامعة مينسوتا الأمريكية “علينا إعادة تشغيل الاقتصاد بطريقة ما. لا يمكن أن نعيش في حالة الإغلاق لمدة 20 شهرا… إذا أغلقنا البلاد كما فعلت مدينة ووهان فإننا ندمر المجتمع الذي نعرفه. وإذا سمحنا للفيروس بمواصلة انتشاره السريع فسوف ندمر نظام الرعاية الصحية لدينا وندمر الاقتصاد معه”.

ويقول أوسترهولم مؤلف كتاب “العدو المميت: حربنا ضد الجراثيم القاتلة” إن حل هذه المعضلة أمر حيوي. ومن بين الخيارات المطروحة السماح للشباب باعتبارهم الأكثر قدرة على مواجهة العدوى بالعودة إلى حياتهم الطبيعية والسماح للكثيرين منهم بتكوين مناعة طبيعية ضد الفيروس. وسيحتاج إعادة تشغيل الاقتصاد بطريقة آمنة إجراء تحليل للأجسام المضادة لتحديد التجمعات الأقل تاثرا بالفيروس.

ويقول ديفيد هيمان أستاذ الأمراض المعدية والوبائيات في مدرسة لندن للصحة العامة وطب المناطق المدارية إنه حتى الآن فإن هذا التحليل والاختبار “مازال غير متاحا في أغلب الدول… وحتى يتوافر ذلك فإن الأمر سيكون أشبه بلعبة التخمين” لتحديد الفئات التي تحمل أجساما مضادة لفيروس كورونا.

وحتى الآن أصيب أكثر من 5ر1 مليون شخص بفيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم مما وضع نظام الرعاية الصحية تحت ضغوط خطيرة. ومات حوالي 88 ألف شخص بالفيروس. ويقول الخبراء إنه على صناع القرار في العالم التحرك ببطء نحو إعادة الحياة إلى طبيعتها في المجتمعات مع الاستعداد لحدوث انتكاسات على مدى الشهور العديدة المقبلة.

تتجه أنظار العالم الآن إلى مدينة ووهان الصينية مركز انطلاق فيروس كورونا المميت، وأحد مراكز صناعة الصلب والسيارات في الصين، حيث قررت السلطات الصينية استئناف الحياة الطبيعية في المدينة بعد شهور من الحجر الصحي. ومع السماح بتشغيل القطارات والطائرات والسيارات من وإلى المدينة، فمن المتوقع عودة حركة النقل إلى طبيعتها تدريجيا خاصة مع ظل استمرار بعض القيود.

ويقول المسؤولون الصينيون إن الفيروس تحت السيطرة، لكنهم مازالوا يشعرون بالقلق من انطلاق موجة أخرى من العدوى، سواء من خلال التفشي المحلي أو من خلال الحالات القادة من الخارج. كما أن 10 أقاليم ومدن صينية مازالت تلزم القادمين من إقليم هوبي وعاصمته مدينة ووهان بالخضوع لحجر صحي مدته أسبوعين على الأقل للتأكد من عدم إصابته بالفيروس.

وبحسب بلومبرج فإن خطر حدوث موجة ثانية من العدوى أصبح واقعا في آسيا. فقد أعيد غلق إحدى المقاطعات في وسط الصين بعد تزايد عدد الإصابات فيها. كما أعلن إقليم هيلونجيانج في أقصى الشمال ،على الحدود مع روسيا ظهور 125 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا قادمة من الخارج إلى جانب 111 حالة أخرى ظهرت عليها الأعراض وقادمة من الخارج خلال الشهر الحالي. وكل هذه الحالات تقريبا كانت قادمة من روسيا.

وفي إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد كورونا بدأت الشركات المتضررة من الغلق تتجه إلى العلماء للحصول على المشورة. ويدير ايس أكورا وزوجته تولجا شركة “إي براند فاليو” الأمريكية لتحليل البيانات حيث يقدمان لعملائهما نموذجا رياضيا يساعد أي شركة في معرفة الموعد التقريبي الذي يمكن أن تستأنف فيه نشاطها.

ويقول أيس أكورا الذي ظل يعمل في البنوك والشركات المالية الأمريكية لأكثر من 15 عاما إن “الناس تخشى من الموت لكن اعتقد أنها تخشى أكثر من الانهيار المالي”.

ووفقا للنموذج الصيني يرى المحللون أن العملاء يمكن أن يتوقعوا استئناف النشاط الاقتصادي في اي دولة بعد فترة من 15 إلى 20 يوما من وصول تفشي الوباء إلى ذروته.

ولكن خبراء الصحة والرأي العام يرون أن إبطاء وتيرة انتشار الفيروس لا يجب أن تكون مبررا لاستئناف النشاط الاقتصاد مادام لم يتم التوصل إلى مصل واق من الفيروس أو علاج فعال، لآن ذلك يعني ان الدول قد تضطر إلى الإغلاق مرة أخرى مع تجدد موجة العدوى.

والطريقة الوحيدة لمنع حدوث موجات جديدة من العدوى مع استئناف النشاط الاقتصادي هو ان يبدأ رفع الإجراءات من خلال فحوص طبية واسعة النطاق لتحديد من هم أقل عرضة للإصابة بالفيروس والسماح لهم ببدء العمل.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

Check Also
Close
Back to top button