ساعات الحسم تقترب.. سيناريوهات بريطانيا ومصير “بريكست”
3 أشكال للعلاقة بين لندن وأوروبا واحتمالان لا ثالث لهما
تعقيدات مشهد انفصال #بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي تتوالى، فمن محاولات التوصل لاتفاق مع الأوربيين تمهيدا لخروج بريطانيا، إلى اقتراع لخروج تيريزا ماي من منصبها كرئيسة للوزراء، من المرجح أن تنجو منه مع إعلان 160 نائباً من حزب المحافظين دعمهم لها بحسب صحيفة :”الجارديان”، فيما تحتاج ماي 158 فقط.
وحتى مع تجاوز هذا الاقتراع يؤكد خبراء أن التعقيدات تجتاح المشهد بكافة تفاصيله، ومن جميع الأطراف.
الوضع شيئا فشيئا يتحول إلى ساحة لتصفية حسابات وذلك على الصعيدين المحلي في بريطانيا، أو على صعيد الوضع في أوروبا سواء بسواء، بحسب عمرو عبده الشريك المؤسس لأكاديمية ماركت تريدر الأميركية لأسواق المال، في حديث خاص مع “العربية.نت”.
محليا تكافح ماي من الانقسام الذي يؤكده دعوة النواب لاقتراع لسحب الثقة منها مساء الأربعاء، ومع نجاحها ستصبح محصنة لمدة 12 شهرا، من تكرار مشهد سحب الثقة، فيما كان يعني خسارة التصويت صافرة انطلاق السباق لاختيار رئيس لحزب المحافظين ورئيس جديد للوزراء، خلال 6 أسابيع، وهو الوحيد الذي يحق له الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، أو يكمل البرلمان من دون انتخابات.
انتخابات مبكرة
عمرو عبده يرى أن التحدي الأصعب الذي قد تواجهه ماي مع نجاحها في تحدي سحب الثقة منها، أن يتم التصويت على سحب الثقة من الحكومة وهذا يحتاج إلى أن يقوم زعيم حزب العمال المعارض جيمي كوربن بتقديم الطلب على تصويت سحب الثقة من الحكومة، في البرلمان
كل هذا يحدث داخل بريطانيا وساعة الأوربيين تعمل من دون توقف ولا تمهلهم لتجميع أمرهم، سواء سحبت الثقة من ماي أو لم تسحب، أو تغيرت الحكومة أو حتى تمت الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة.
تعقيدات أخرى من نوع آخر تواجهها بريطانيا واتفاق #بريكست، ولكن هذه المرة على الساحة الدولية، إذ من المطلوب ليصبح الاتفاق نهائيا أن يتم التصويت من 27 برلمانا أوروبيا، وأن يوافقوا على الخطة، وتوجد بلدان في أوروبا يريدون أخذ تنازلات، سواء من الاتحاد الأوروبي أو بريطانيا، مثل إسبانيا التي تريد تنازلات تتعلق بجبل طارق، أو إيطاليا التي تعارض الاتفاق لمساومة المفوضية الأوروبية حول موضوع الموازنة التي ترفضها المفوضية.
وبالتالي فإن تصفية الحسابات قد يكون عائقا كبيرا في طريق #طلاق_بريطانيا.
بريكست هادئ
عمرو عبده الشريك المؤسس لأكاديمية ماركت تريدر الأميركية لأسواق المال، يرى أن أشكال العلاقة بين دول احتفظت ببعض المميزات وانضمت للاتحاد الأوروبي ليست جديدة، حيث يوجد 3 أشكال مقرة بالفعل، إلا أنه وفي حالة بريطانيا كلها تواجه مصاعب سواء محليا أو على مستوى الاتحاد الأوروبي.
الشكل الأول هو Soft Brexit، أو ما يسمى “بريكست هادئ” وسيكون اتفاق مثل ذلك المبرم مع سويسرا ويسمى اختصارا EFTA ، وهذا مستبعد لأنه يعطي سويسرا مساحة كبيرة للالتفاف على النظم والتشريعات.
وبحسب هذا الاتفاق فإن هذه الدول تخضع بشكل شبه كامل للنظم الرقابية الأوروبية، ولكنها ستكون غير مؤثرة في القوانين الأوروبية، وهذا ما قد يرفضه البريطانيون، وهذا الاتفاق يسمح بأن تكون الدول داخل الاتحاد وأن تحتفظ بعملتها.
الشكل الثاني هو EEA ، والذي يشمل 3 دول هي النرويج وآيسلندا وإمارة أوروبية أخرى صغيرة هي “ليشتن تاين”.
تعقيدات جديدة
والمشكلة في هذين الاتفاقين أنهما لا يسمحان بحدود مرنة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا وهذه من أكبر المعوقات التي تقف أمام بريكست حاليا، وحتى لو رضيت أوروبا بذلك فلن يرضى الداخل في بريطانيا بهذه الاتفاقيات.
الشكل الثالث الخاص بكندا هو CETA والذي استغرق نحو 7 سنوات لإنجازه على الرغم من دفء العلاقة مع كندا، بالإضافة إلى أن 10%، فقط من صادراتها تذهب إلى أوروبا.
وتختلف حالة مفاوضات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي في شيئين أساسيين الأول أن العلاقة مع أوروبا تشهد توترا بسبب عملية الانفصال، والأمر الثاني أن 43%، من صادراتها تذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فالاتفاق مع أوروبا وفقا لـ CETA قد يستغرق في حال قبله الطرفان ضعف المدة التي استغرقها الاتفاق مع كند والتي قد تصل إلى 14 سنة.
ومع التطورات الأخيرة الحاصلة وكل هذه التعقيدات يبرز احتمالان على ما سواهما.
الأول، أن لا يتم اتفاق ما ينتج عنه “هارد بريكست”، ويعمل الطرفان وفقا لقوانين منظمة التجارة العالمية، وهذه القوانين عقيمة، حيث لم تحدث منذ التسعينات، ونمط الاقتصاد تغير، وعلى سبيل المثال لم تكن هناك “غوغل” و”أمازون”.
والثاني، بحسب عمرو عبده أن يتراجع البريطانيون ويقوموا بعمل استفتاء ثان، وهو أفضل سيناريو، ولكنه أيضا مستبعد، لأن الحزب الوحيد الذي نادى بذلك وهم “الديمقراطيون الأحرار” خسروا في الانتخابات، وبالتالي فالسياسيون يقرأون الاستفتاءات التي تتم ونتيجتها بما لا يؤثر على أحزابهم أو مستقبلهم السياسي.
وفيما يبدو أن الفرصة سانحة الآن لرئيس الوزراء البريطاني سابقا توني بلير لأنه متزعم مجموعة عقلانية تقول إن الشعب البريطاني سمع حقائق كثيرة عن بريكست ومن حقه أخذ الفرصة بعد كل ما عرفه ليقرر مصير بريكست، وقد أعطت المحكمة العليا الأوروبية الضوء الأخضر لذلك.