قوة الاقتصاد السعودي قادرة على مواجهة انخفاض أسعار النفط
الرياض – البورصة والاقتصاد:
أصبح وضع الاقتصاد في المملكة العربية السعودية موضوعًا يتناوله الجميع نتيجة الانخفاض الهائل في أسعار النفط، حيث يبلغ حاليًا سعر البرميل ما معدله 47 دولارًا أمريكيًا مقابل 107 دولارات أمريكيّة منذ قبل عام و نصف تقريبًا. وقد دفع هذا الأمر بعض الخبراء إلى توقع إصابة السوق بتباطؤ في المستقبل لا سيما قطاع البناء.
ولكن على الرغم من انخفاض أسعار النفط، لم تتأثّر إلى حد كبير حتّى الآن المشاريع الكبرى داخل المملكة من حيث موعد التسليم إذ ما زال تنفيذ المشاريع مستمرًّا، كما جرى توضيحه خلال قمة القادة في البناء التي انعقدت في الرياض (26 أكتوبر 2015) في فندق ماريوت الرياض حيث اجتمع عدد من الخبراء وقادة الصناعة البارزين لمناقشة الوضع الحالي. وافتتح القمة ديفيد كليفتون، مدير التنمية الإقليمية في فايثفول آند جولد بتقديم لمحة اقتصادية عامة عن المملكة وتأثير أسعار النفط على المشاريع الحاليةّ والمشاريع التي يجري التخطيط لتنفيذها.
ولاشك أن هناك تحديات أخرى تواجه قطاع البناء وتشمل قيود العمل، وتقليص هوامش الربح، وصعوبة الحصول على التمويل ضمن الأطر القانونية الحالية. وكما أوضح ديفيد كليفتون خلال العرض الافتتاحي، فإنّ المؤشرات الاقتصادية الرئيسية التي ستؤثر على سوق مشاريع البناء في المملكة تشير إلى وجود قصة متوسّطة الأجل تختلف عن تلك التي تصوّرها صندوق النقد الدولي “فإن مفتاح التغلب على معظم هذه التحديات هو أن يفهم المسؤولون وخبراء الصناعة الوضع. وقد سبق واتخذ المسؤولون بعض الإجراءات اللازمة لعزل المملكة عن تراجع أسعار النفط، وسيبدأ الترشيد في المدى القريب. أمّا المدى المتوسط فسيركّز بشكل أكبر على الاحتياجات الاجتماعية والبحث عن آليّات التمويل والتسليم البديلة. تشير نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي التي بلغت 2% إلى أنّ إشراك القطاع المالي والقطاع الخاص بشكل متزايد في برامج العمل سيعود بالفائدة على البلاد وسيخفّض من أعباء الميزانية العمومية التي تتكبّدها الحكومة.”
وأضاف: “تمّ تجهيز المملكة للتعامل مع تحديات هذا الوضع الراهن. فهي بعيدة كلّ البعد عن الإفلاس ويبقى التنويع، والتعليم، وخلق فرص العمل من أولوياتها. وفي حين أنّ الفوائض المالية المرتفعة باتت من الماضي الآن، فالتصرف الحكيم يقضي بالبحث عن طرق يُمكن من خلالها الحفاظ على النقد إما عبر الحد مما يعتبره البعض مشاريع عديمة القيمة أو تقليص المخططات والتصاميم المفصلة أو تبسيطها، مما يعني القدرة على المضي قدمًا في المشاريع. غير أنّ ذلك يتطلّب بعض المراجعات، والتخفيضات، وفي نهاية المطاف تطبيق المنطق السليم والترشيد لما هو بالفعل مطلوب. لا مفرّ من التأخير، لكنه في نهاية المطاف سيعود بالفائدة على المملكة إذ سيحقّق الاستقرار في البلاد، وعلى مستوى الصناعة، بحيث سيسمح للحكومة بتقديم استراتيجيات أفضل لإدارة المشاريع الحاليّة والمشاريع الجاري تنفيذها وتلك التي يجري التخطيط لتنفيذها. تشكّل إدارة التكلفة عاملاً رئيسيًا في هذه المرحلة وعلى الرغم من هذه المرحلة المتشائمة، فالمملكة محصّنة بشكل جيد وهي تعمل على اتخاذ الخطوات والتدابير الوقائية اللازمة لتضمن نجاتها من التباطؤ. وقد يرحّب العديد من البلدان الأخرى بالاحتياطيات الأجنبية العالية والديون المنخفضة مما يؤدي إلى تراجع مطرد في الإيرادات.”
تشير أحدث الإحصاءات أن صندوق الثروة السياديّة في المملكة يبلغ حوالى 659 مليار دولار أمريكي بعد أن كان في السابق 717 مليار دولار أمريكي، إلّا أنه يبقى من بين الأغنى على الصعيد العالمي. وقد ذكر مسؤولون رفيعو المستوى في المملكة أن اقتصاد المملكة – وهو الأكبر في العالم العربي – قوي بما فيه الكفاية لمواجهة الانخفاض في أسعار النفط كما سبق وفعلت من قبل.
ومن بين التدابير التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا هو وضع قانون لمكتب إدارة المشاريع، مما يستلزم من كل وزارة أن تُنشئ مكتبًا لإدارة المشاريع وفق أفضل الممارسات الدولية لتحسين التسليم، والضمان، والشفافية، والحوكمة. وقد كان لديفيد كليفتون من فايثفول آند جولد ومجموعة مختارة من الخبراء في هذا المجال دورٌ فعال في تقديم المشورة وسيستمرّون في تأدية هذا الدور فيما تعسى المملكة إلى توحيد نهج مكاتب إدارة المشاريع فيها. ستجري مناقشة تفاصيل هذا التغيير المرتقب خلال طاولة مستديرة لوسائل الإعلام تستضيفها فايثفول آند جولد هذا الأسبوع في فندق انتركونتيننتال دبي مارينا.