الركود يضرب السوق العقارية قبل رسوم الأراضي في السعودية
وتراوحت انخفاضات أسعار المخططات العقارية السكنية الواقعة على أطراف المدن ما بين 20 إلى 40%، فيما تراجعت أسعار الأراضي داخل المدن ما بين 10 الى 20%. ويأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه وزير الإسكان ماجد الحقيل أخيراً أن وزارته تركز في إدارتها لملف الإسكان على 3 محاور هي: تمكين الطلب، ودعم العرض، وتهيئة البيئة الاستثمارية التنظيمية المناسبة لقطاع التطوير العقاري.
وعند الحديث بلغة الأرقام الرسمية عن حجم التعاملات العقارية بالسوق المحلية، نجد أن قيمة الصفقات العقارية التي نفذت في جميع مناطق المملكة خلال الثلث الأول من العام الهجري الحالي 1437هـ، بلغت حوالي 116.5 مليار ريال، مسجلة انخفاضا قدره 25.4 مليار ريال، وبنسبة 20% مقارنة بالثلث الأول من العام الماضي 1436هـ، الذي حقق مبلغا وقدره 141.9 مليار ريال.
وقد استحوذ القطاع السكني على النسبة الأكبر من إجمالي الصفقات، حيث بلغ 68.6 مليار ريال، مقابل 47.9 للقطاع التجاري، وذلك وفقا لبيانات المؤشر العقاري التابع لوزارة العدل السعودية.
ومع هذه الأرقام دخلت البنوك السعودية في دائرة بيع الأراضي خلال هذه الفترة، والتي دارت حول خطوتها الأخيرة الكثير من التكهنات قبل أن توضح موقفها الرسمي تجاه هذه الخطوة، حيث أكد طلعت حافظ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية، أن البنوك تبيع عقارات أصحاب الرهن المتعثرين لاستعادة مديونياتها،
وهذا ليس بغرض استغلال الارتفاعات أو الانخفاضات التي تحدث بين الفينة والأخرى في سوق العقار أو هربا من رسوم ما، فيما نفى بيع بنوك محلية أراض للتهرب من رسوم الأراضي البيضاء، وقال إنه ليس من صلب عمل البنوك الأساسي بيع العقارات والاتجار بها.
وبين أن جميع العقارات التي تملكها البنوك تتمثل في أراضي فروعها أو مركزها الرئيسي، كما أن تشريعات مؤسسة النقد تمنع تملك البنوك للعقارات بغرض الإتجار والبيع والشراء، إلا فيما يتعلق بخدمة أعمالها البنكية.
وأوضح حافظ أن العقارات الموجودة في البنوك هي كضمانات أو رهون، وبالتالي لا يحق لها بيعها أو التصرف بها إلا لاستعادة مديونياتها، منوها بأن البنوك السعودية لديها محفظة بلغت في الربع الرابع من العام 2015 أكثر من 102 مليار ريال، قروض تمويل عقاري لأفراد، ولو تم ضم تمويل الشركات لها ستصل المحفظة إلى 176 مليار ريال.
حالة ترقب
استطلعت “العربية.نت” آراء المختصين والعاملين بالقطاع العقاري حول تأثير قرب تطبيق قرار فرض رسوم الأراضي على أسعار العقار. وقال عبدالله الفالح المستثمر بالقطاع العقاري في العاصمة الرياض، إن “السوق العقارية ما زالت تشهد ركودا ملحوظا نتيجة ترقب انخفاض أسعار الأراضي مع قرب تطبيق فرض الرسوم على الأراضي البيضاء”، مشيرا إلى أن الطلب على الأراضي السكنية في الوقت الحالي شبه متوقف، سواء في العرض أو الطلب، وهو أمر منطقي نتيجة التخوف مما سيحمله القرار المنتظر خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن أسعار المخططات العقارية السكنية الواقعة على أطراف المدن شهدت تراجعا ما بين 20 إلى 40%، نظرا لكون هذه المخططات والأراضي غير مكتملة الخدمات في الوقت الحالي وبعيدة عن مراكز الخدمات الحكومية والخاصة، مشيرا بهذا الصدد إلى أن الركود ضرب كذلك أسعار الأراضي الواقعة داخل المدن نتيجة تريث الكثير من المستثمرين والمشترين من مختلف الشرائح الاجتماعية في اتخاذ قرار الشراء، حيث تراجعت أسعار الأراضي داخل المدن ما بين 10 إلى 20%.
بدوره، قال خالد العنزي المستثمر بالقطاع العقاري إن “حالة الركود التي تشهدها السوق حاليا هي انعكاس طبيعي لتأثير قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، وقرب تطبيقه بعد 10 أسابيع من الآن، مما جعل مكاتب العقار تصاب بكساد كبير، وتوجه الكثير من أصحاب مكاتب العقار إلى الاستثمار بأنشطة تجارية أخرى بعد ارتفاع المعروض وقلة الطلب.
كما أن هناك العديد من المستثمرين اتجهوا للاستثمار بالعديد من المدن الخليجية والعربية للاستفادة من الفرص الاستثمارية في هذه الأسواق، بعد حالة الركود الكبيرة التي شهدتها السوق المحلية خلال الفترة الماضية.
ويرى العنزي أن السوق العقارية بالسعودية تمر حاليا بمرحلة ترقب وحذر نتيجة قرب تطبيق رسوم الأراضي، وعدم معرفة أبرز اشتراطات واستثناءات القرار سواء للمدن الرئيسية أو غيرها من المدن غير الرئيسية في مرحلة التطبيق الأولى، وكذلك عدم معرفة مساحات الأراضي التي سيشملها تطبيق القرار والذي سيعلن عن كل تفاصيله بشهر رمضان القادم.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي نايف العيد إن أسعار العقار في المملكة تضخمت بشكل كبير خلال الفترة الماضية إلى أن أصبحت بعيدة عن متناول غالبية شرائح المجتمع، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تمر السوق بمرحلة تصحيح وسط ضغط زيادة العرض وقلة الطلب، بالإضافة إلى العامل الأبرز وهو قرب تطبيق فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، وهو الذي جعل الكثير من المشترين يحجمون عن الشراء خلال هذه الفترة حتى تتضح الصورة بشكل كبيرة خلال الفترة القادمة.
ولفت العيد إلى أن هناك أمرا آخر على قدر من الأهمية ربما يضغط على أسعار الأراضي خلال الفترة القادمة، وهو استرجاع الدولة لمساحات شاسعة من الأراضي تقدر بمئات الملايين على أطراف المدن الرئيسية، وإزالة التعديات الحاصلة عليها والتوجه نحو منحها لوزارة الإسكان لإعادة توزيعها على المستحقين من المواطنين، مما يدل دلالة أكيدة على جدية الدولة في حل مشكلة الإسكان من خلال زيادة المعروض من الأراضي، وبالتالي فإن كل هذه الجهود تنعكس على معدلات الأسعار لتكون بالتالي في متناول غالبية المواطنين.