هبوط أسعار النفط يؤثر سلباً على أسواق العقارات في دولة الإمارات
دبي- البورصة والإقتصاد:
مع هبوط أسعار النفط بنسبة 54٪ خلال الأشهر الـ 12 الماضية، بدأت الأسواق العقارية في دولة الإمارات العربية المتحدة تتأثر بالنتائج المترتبة على هذا الهبوط الذي أدى إلى انخفاض مستويات الصفقات العقارية في أبوظبي ودبي والشارقة، وذلك بحسب أحدث تقرير صدر عن شركة الاستشارات العقارية الدولية، كلاتونز.
وكشف تقرير السوق العقاري في دولة الإمارات للعام 2015 أن العلاقة المباشرة بين عائدات النفط والغاز ومعدل الإنفاق الحكومي سينتج عنه ضغط في ما يتعلق بالفرص الوظيفية. كما يمكن أن تشهد أسعار النفط مزيداً من الانخفاض مع حصول إيران على الضوء الأخضر لبدء تصدير النفط، وهو ما سوف يؤثر على معدلات الطلب على المساحات المكتبية، وبالتالي فسيكون له تأثير على معدلات الطلب فيما يتعلق بالوحدات السكنية، حيث من المتوقع أن يشمل هذا التأثير أكبر ثلاث إمارات في البلاد. ومع ذلك، يمكن أن تكون عودة المتغير الإيراني إلى المعادلة الوطنية العقارية بالغة الأهمية تحديداً بالنسبة لسوق العقارات.
وقال ستيف مورغان، الرئيس التنفيذي لشركة كلاتونز الشرق الأوسط: “على المدى القريب، نرى أن هناك عدة عوامل اقتصادية تؤثر على مستوى الصفقات. لذلك، قامت الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز مركزها المالي بعد انخفاض أسعار النفط، بما في ذلك تحرير أسعار الوقود والإسراع نحو استحداث ضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات. ومن المتوقع أن تزيد هذه المبادرات مستويات التضخم في الأسعار أمام المستهلكين، مما سيؤدي إلى تردد المستأجرين في دفع إيجارات أعلى وسيزيد من إقبال العائلات على شراء المنازل. ومع ذلك، يمكن لبعض الارتفاعات أن يقابلها انخفاض في أسعار الديزل، مما يساعد دولة الإمارات على المحافظة على ميزتها التنافسية، والتي لا يوجد لها مثيل على مستوى المنطقة.”
وأضاف مورغان: “مع الرفع المتوقع للعقوبات التجارية الإيرانية، نتوقع أن يغتنم المواطنون الإيرانيون الفرصة للقيام باستثمارات عقارية مهمَّة في دولة الإمارات، وخاصة بدبي، ما يدفعهم مرةً أخرى نحو صدارة قائمة مشتري العقارات من حيث الجنسيات. ففي عام 2010، استحوذ المواطنون الإيرانيون على 12٪ من التصرفات العقارية في دبي، مما وضعهم في المركز الرابع بعد المواطنين الهنود والبريطانيين والباكستانيين. كذلك أشارت بيانات دائرة الأراضي والأملاك بدبي إلى تضاؤل في أحجام الاستثمارات الإيرانية بنسبة 3٪ فقط خلال الربع الأول من عام 2015. ”
سوق العقار السكني
وفي أبوظبي، تراجعت أسعار المنازل بنسبة 0.2٪ في الربع الثاني من عام 2015، وهو يعد أول انكماش منذ الربع الثالث من عام 2012، حيث أدى إلى جعل معدل أسعار المنازل حالياً 1336 درهماً لكل قدم مربعة. ووفقاً للتقرير، لا يزال الطلب مستقراً على العقارات الفاخرة والأخرى ذات الأسعار المعقولة التي يبلغ سعرها حوالي 1،000 درهم لكل قدم مربعة، وذلك بسبب إقبال المشترين الأثرياء الإماراتيين فضلاً عن المشترين من دول مجلس التعاون الخليجي على العقارات الفريدة مقابل اضطرار عدد كبير من السكان المغتربين للخروج من أسواق الإيجار بسبب الارتفاع الدائم في الأسعار، حيث توجهوا إلى أسواق تعد أسعارها معقولة باعتبارها ذات قيمة أفضل مقابل المال.
ويشير تقرير كلاتونز إلى ارتفاع متوسط الإيجارات بنسبة 1.5٪ خلال الربع الثاني من العام، مما دفع النمو السنوي في العاصمة ليصل إلى 3.9٪. وكانت قرية هيدرا أقوى سوق ثانوي، حيث ارتفعت إيجارات الفيلات التي تتكون من ثلاث غرف بنحو 32٪ خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي لتصل إلى 125 ألف درهم سنوياً.
ومن جهته، قال فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث في كلاتونز: “مع انحسار معدل الإنفاق الحكومي، فمن المتوقع انحسار فرص العمل والطلب على السكن أيضاً. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، نرى أن سوق العقارات السكنية سيشهد انخفاضاً طفيفاً إلى معتدل في الأسعار خلال الفترة المتبقية من عام 2015. وعموماً، يمكن توقع انخفاض أسعار المنازل بنسبة تتراوح بين 0.5 و 1٪ في الربع الثاني والثالث من عام 2015، في حين يتوقع أن تبقى الإيجارات مستقرة خلال النصف الثاني من العام نفسه”.
وفي دبي، واصلت تصرفات العقارات السكنية استقرارها إلى حد ما خلال العام الجاري، وفقاً للبيانات الصادرة عن شركة “Reidin”، فيما لم يكن هنالك أي تغيير يذكر في متوسط قيمة الشقق خلال النصف الأول من عام 2015، بعد أن تم تسجيل انخفاض بمعدل 0.6٪ ما بين شهري يناير ويونيو.
وأضاف دوراني: “يواصل سوق الفيلات تحمل وطأة القيود الاتحادية على الرهن العقاري، التي جعلت القدرة على تحمل التكاليف قضية مركزية للمشترين المحتملين الذين يتطلب منهم الآن إجراء عدد كبير من عقود الرهن لتمويل التكاليف الأولية. وأدى انخفاض القيم المتوسط بنسبة 3.4٪ خلال الربع الثاني من العام، إلى انخفاض المعدل السنوي للتغيير بنسبة 7٪ أيضاً. كذلك يتوقع هبوط أسعار الفيلات بنسبة تتراوح بين 5 إلى 7٪ هذا العام وذلك مع ارتفاع مستويات العرض والقدرة على تحمل التكاليف التي يواجهها المشترون “.
ويبين تقرير كلاتونز أنه خلال الربع الثاني من هذا العام، انخفض متوسط الإيجارات في دبي بنسبة 0.9٪، مع الأخذ بعين الإعتبار الانخفاض الشامل في الأشهر الستة حتى شهر يونيو إلى نسبة بلغت 1.3٪. وقد استقرت أسعار الشقق في المجمعات المتوسطة عام 2015، في حين شهد السوق انخفاضاً في إيجارات الفيلات بنسبة 1٪ خلال الربع الثاني من العام. وتطلعاً إلى مرحلة أبعد، يتوقع نمو سوق الإيجارات خلال معرض إكسبو 2020 لينتقل من كونه متوسط الأجل إلى قصير الأجل، وزيادة مشاريع البنية التحتية التي بدورها ستدعم خلق فرص العمل. وسوف تسهم الزيادة السكانية في دبي والتي يُتوقع أن يصل عدد السكان فيها إلى 2.8 مليون نسمة بحلول عام 2020، في زيادة الطلب على العقارات السكنية.
وواصل دوراني: “نحن نتوقع أن يشهد سوق المبيعات المزيد من الضعف هذا العام وذلك لعدة أسباب منها القيود الاتحادية على الرهن العقاري، وتحديات القدرة على تحمل التكاليف ومدى قوة الإمدادات التي شهدت على 41 ألف وحدة سكنية جديدة خلال هذا العام. كما نرى أن سوق التأجير سيواصل أداءه المستقر، مع احتمال حدوث المزيد من الانخفاضات في المنطقة تتراوح بين 1.5 و2٪ خلال النصف الثاني من العام. ويتم تعويض الانخفاض الكبير من خلال خلق فرص عمل قوية والنمو السكاني، الذي لا يزال يتسم بالاستقرار والقوة والتنوع”.
وفي الشارقة، يقود المستأجرون السوق حالياً مع تباطؤ عمليات التأجير استجابةً لانخفاضها في دبي وإدخال ما ينظر إليها على أنها وحدات سكنية ذات جودة عالية في عجمان. وسجلت الإمارة تراجعاً بنسبة 2.3٪ في متوسط الايجارات، ولا تزال هذه النسبة منخفضة بنحو 3.3% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد سجل معدل تأجير الشقق انخفاضاً بنسبة 4.2٪ خلال الربع الثاني، في حين شهدت إيجارات الفيلات ارتفاعاً طفيفاً بلغت نسبته 1.4٪.
وأضاف دوراني: “في سوق المبيعات، ينمو معدل السكان في المجمَّعات السكنية الكبرى عالمية المستوى مثل الزاهية ومدينة تلال بهدوء لتضع معايير المجمَّعات السكنية الكبرى في المستقبل. هذه المشاريع الراقية ذات الأسعار المعقولة، التي يعكس تصميمها التراث الإسلامي الغني للإمارة، تسمح بظهور سوق عقارات سكنية متخصصة تقدم خدماتها للعائلات التي انتقلت من أسواق الإمارات الأخرى، والتي تنتظر مجمَّعات بأسعار معقولة بشكل أكبر في المناطق المحيطة بها تحاكي أساليب حياتها التقليدية”.
العقارات التجارية
يشير التقرير إلى إمكانية نمو النشاط الاقتصادي في دولة الإمارات بعد أن تم رفع العقوبات التجارية عن إيران. فقبل إدخال العقوبات، كانت إيران أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، في حين منعت الشركات المحلية والعالمية في الماضي أي عمليات إيرانية تنطلق من دبي.
وتابع مورغان قائلاً: “لقد لاحظنا تحسناً فعلياً في شروط المضاربة من قبل الشركات الإيرانية التي تقع في دبي والتي تتطلع إلى توسيع أماكن عملها تحسباً لاستئناف التجارة العادية مع إيران. وعلاوة على ذلك، لاحظنا أيضاً طلبات متعددة من قبل شركات إيرانية في الإمارات للحصول على قروض لتمويل التوسع المخطط”.
وبالإضافة إلى ذلك، تتوقع كلاتونز تطلع الشركات العالمية بشكل أكبر لخدمة أي عمليات إيرانية تنطلق من دبي، والتي سوف تضع مرة أخرى ضغوطاً تصاعدية على إيجارات الدرجة الأولى في المناطق الثانوية، وخاصة المناطق الحرة الرئيسية في المدينة مثل مركز دبي المالي العالمي، ومدينة دبي للإنترنت، ومدينة دبي للإعلام، وحي دبي للتصميم والمنطقة الحرة بمطار دبي.
وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2015، لم تتغير أسعار إيجارات المكاتب الرئيسية ذات المستويات الأولى والثانية والثالثة والتي بلغت 250 درهماً لكل قدم مربع، 130 درهماً لكل قدم مربع و70 درهماً لكل قدم مربع، على التوالي. ولكن هذا الواقع يخفي صورة معقدة أكثر على مستوى الأسواق الثانوية في جميع أنحاء المدينة. كذلك هنالك استثناءات للمعدلات المتوسطة، حيث تراوحت أسعار الإيجارات في أبراج الإمارات ومركز دبي المالي العالمي على سبيل المثال بين 275 و 300 درهم لكل قدم مربع.
وبالإضافة إلى ذلك، يشير تقرير كلاتونز الأخير إلى ركود في سوق المكاتب بأبوظبي في الآونة الأخيرة حيث يرتبط جزء كبير منه بالتباطؤ في الإنفاق العام، مما أدى إلى انخفاض في الطلب على المساحات المكتبية الجديدة.
وأوضح دوراني: “ومع ذلك، وبسبب النقص العام في المعروض، وبخاصة في إيجارات الدرجة الأولى، أصبحت هذه الأخيرة ثابتة ومن المتوقع أن تظل مستقرة طيلة عام 2015، حيث يتوقع أن تصل مستويات الإشغال إلى ما يقرب الـ 100٪. وظلت العقارات الرئيسية التي يبلغ سعر إيجارها 1850 درهماً لكل متر مربع مستقرة لـ14 ربعاً، فيما بلغت أسعار إيجارات المنشآت الحديثة مثل “مربعة سوق أبوظبي العالمي” على جزيرة المارية حوالي 3700 درهم لكل متر مربع باعتبارها نقطة المدينة “فائقة الحداثة” ونظراً لتلبيتها أيضاً لاحتياجات المستأجرين الذين يرغبون بالسكن في أبو ظبي”.
وأضاف: “أدى اعتماد أبوظبي على عائدات النفط والغاز إلى ارتفاع نسبة تأجير المكاتب التي تهيمن عليها هذه الشركات. كذلك من المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على مواقع الدرجتين الثانية والثالثة في المقام الأول، وانخفاض الطلب على مواقع الدرجة الأولى في بداية عام 2016. ”
أما بالنسبة لسوق المكاتب في الشارقة، فتشهد الإيجارات المكتبية في الأسواق الثانوية استقراراً في الربع الثاني من عام 2015، وقد كان الأمر مماثلاً في الربع الأول من نفس العام. ويعكس استقرار أداء سوق المكاتب انخفاض الاحتياجات العامة ومستويات الطلب، في حين تقوم شركات النفط والغاز المهيمنة بتقييم خططها التوسعية. ومن المتوقع أن يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط أو ضعف الطلب عليه إلى تقليل قدرة السوق على الصمود، مما سيضع الإيجارات تحت ضغط، وبخاصة الرئيسية منها.
وختم مورغان قائلاً: “يقوم الملاك في مواقع من المستويين الثاني والثالث بخفض الإيجارات في محاولة منهم لتوليد الطلب. غير أنه ليس من المرجح أن تكون هذه الفجوة الآخذة في الاتساع مستدامة، حيث من المتوقع انخفاض إيجارات الدرجة الأولى في وقت لاحق من هذا العام. عموماً، من المرجح انخفاض معدلات الإيجار في مختلف المناطق بنسبة تصل إلى 5٪ قبل نهاية هذا العام “.